مراجعة كتاب: معارف قرآنية



مراجعةٌ على كتاب: معارف قرآنية.

المؤلف: الشيخ فوزي آل سيف.

الناشر: جمعية اقرأ لعلوم القرآن.

عدد الصفحات: ٢٩٤ صفحة.

 

   الكتاب عبارةٌ عن مجموعة محاضراتٍ ألقاها سماحة الشيخ فوزي آل سيف في شهر رمضان من العام ١٤٤٠ه‍، قامت بعض الأخوات بتفريغها، ثم راجعها الشيخ مراجعةً سريعة، وطُبِعت في هذا الكتاب في ما يزيد على ٢٩٠ صفحة، وواضحٌ من العنوان أنَّ هذه المحاضرات ومواضيعها دارت حول المعارف القرآنية.

   يقع الكتاب في مقدَّمةٍ وأكثر من عشرين عنوانًا رئيسيًا تطرَّق لها سماحة الشيخ في محاضراته، مسَّت بعض المسائل الأساسية وبعض المسائل الخلافية المرتبطة بمعارف القرآن الكريم.

   مواضيع الكتاب متنوعةٌ، فيها ما يمس القرآن الكريم بشكلٍ مباشرٍ كالعنوان الأول (القرآن الكريم في بطاقةٍ تعريفيةٍ)، ومنها ما يتعلق بالخلافات بين الشيعة ومخالفيهم، مثل (جمع القرآن)، وفيها ما يتعلق بالجهات الدخيلة على الإسلام، مثل (حداثيون: تمييع القرآن وتضييع الشريعة)، ومنها ما ادُّعي من التمسك بالقرآن دون غيره، مثل (قرآنيون ضد القرآن)، وغيرها.

   يحاول الشيخ تحت كل عنوانٍ التقديم للموضوع ببيان المصطلح الوارد في الآية أو الرواية التي ينطلق منها البحث، أو بيان نفس الموضوع أو نبذةٍ عن نشأته ما لم ينطلق من آيةٍ أو روايةٍ في الغالب، ثم يتناول الموضوع، وغالبًا ما يذكر ما يراه هو أو يتفق معه من رأيٍ في الختام، وللطبيعة الخطابية يمكن ملاحظة حاجة الموضوع للتتميم العلمي، ولا يلام الشيخ فيه، لأنَّه في مقام الخطابة.

   في الكثير من المسائل المطروحة تتكون للقارئ صورةٌ جيدةٌ عن الموضوع الذي يتناوله، تصلح لأنْ تكون مُنطَلقًا للتتبع والبحث حتى يُنتهى إلى ما هو أعمق وأوسع.

   في بعض العناوين يذيِّل الشيخ كلامه ببعض الحلول والمقترحات، كما فعل مثلًا للتوفيق بين الرأيين المؤيِّد والرافض للتجويد.

   عند الانتهاء من كل عنوانٍ يخرج القارئ بصورةٍ علميةٍ عامةٍ جيدةٍ ومفيدةٍ، وعليه فالكتاب صالحٌ لتكوين صورةٍ عامةٍ عن المعارف القرآنية المتنوعة، لا سيَّما مع تطرُّق الشيخ لعناوين ومواضيع متنوعة.

 

ملاحظاتٌ عامة:

١-    ظهور اللغة الخطابية بوضوحٍ في الكتاب، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ لأنَّ الكتاب مُفرَّغٌ عن خطاباتٍ منبريةٍ.

٢-    الكتاب مناسبٌ لتكوين صورةٍ إجماليةٍ عن المعارف القرآنية وما يتعلق بها من مسائل.

٣-    يتطرَّق الشيخ بين طيات الكتاب لعدَّة إشكالاتٍ تُطرَح على القرآن الكريم من جهاتٍ مختلفةٍ، كالمستشرقين والحداثيين، ويجيب عليها بمستوًى مناسبٍ جدًّا لعامة المؤمنين.

٤-    إحاطة الشيخ بما يطرح ظاهرةٌ وكذا تتبعه للمسائل، ومن المواضيع التي يتضح فيها ذلك موضوع المستشرقين.

٥-    استثمار الشيخ لشهر رمضان في طرح موضوعٍ متكاملٍ أمرٌ جيد، وهو ممَّا جرى عليه لسنواتٍ.

٦-    يتبين من الكتاب أنَّ الكثير من الإشكالات المطروحة على القرآن الكريم والمواضيع محل النقاش راجعةٌ لما يتبناه المخالفون والأحاديث الواردة في كتبهم.

٧-    طباعة الكتاب غير جيدة، وفيها أخطاءٌ إملائيةٌ كثيرةٌ، وأخطاءٌ نحوية.

 

   في الختام أقول: إنَّ هذا الكتاب من الكتب الجيدة لتكوين صورةٍ إجماليةٍ عامةٍ عن المعارف القرآنية، وهو صالحٌ أيضًا للانطلاق لبحوثٍ أوسع وأعمق، ومؤلفه أيضًا ممَّن يستحق المتابعة والاهتمام لما يحمله من نفسٍ متَّزنةٍ واعيةٍ، وصدرٍ رحب.

 

محمود سهلان العكراوي

الأحد ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٣ه‍

الموافق ٢٦ ديسمبر ٢٠٢١م

مركوبان - سترة

البحرين المحروسة


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

صورة
       حدَّثنا أبو العباس محمَّدُ بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله تعالى عنه، قال: حدَّثنا محمَّدُ بن سعيد بن يحيى البزوري، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بن الهيثم البلدي، قال: حدَّثنا أبي، عن المعافى بن عمران، عن إسرائيل، عن المقدامِ بن شريح بن هانئ، عن أبيه، قال: إنَّ أعرابيًا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين أتقول: إنَّ الله واحد؟ قال: فحمل الناس عليه، وقالوا: يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تَقسُّمِ القلب؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): دعوه فإنَّ الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم، ثم قال: يا أعرابي إنَّ القول أنَّ الله واحدٌ على أربعة أقسام، فوجهان منها لا يجوزان على الله (عزَّ وجلَّ) ووجهان يثبتان فيه، فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل: (واحد) يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز لأنَّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد، أما ترى أنه كفر من قال: (إنه ثالث ثلاثة)، وقول القائل: (هو واحدٌ من الناس) يريد به النوع من الجنس، فهذا ما لا يجوز لأنه تشبيه، وجلَّ ربُّنا وتعالى عن ذلك، وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل:
قراءة المزيد

كراهة نيَّة الشر

صورة
  تقدم الكلام في مقالةٍ أخرى عن استحباب نية الخير، ونتحدث في هذه المقالة عن كراهة نية الشر، فإن كانت لنية الخير الأثر العظيم في تحصيل الثواب وزيادة الرزق، فنيَّة الشر تفعل فعلها أيضًا على الجانب السلبي، فيُحرم الرجل رزقه على سبيل المثال. إن الإنسان ليتحرك بموجب الدوافع الداخلية في نفسه إجمالا، ومنها النية، لذلك إذا نوى خيرًا فإنه يرتدي لباس الخير ويظهر ذلك عليه في مستقبله، وإن ارتدى نية الشر، والعياذ بالله، فإنه يرتدي لباسها وتظهر أيضًا في قادم الأيام، كما أن لأعمالنا روائح وإن كانت حواسنا لا تتمكن منها، لكن هناك خلائق تتمكن من شمِّ هذه الروائح، ومن هؤلاء الملكين المكلفين بتسجيل الحسنات والسيئات. هذه المعاني التي ذكرناها نجدها في بعض الروايات، ونذكر هنا بعض ما ذكره الشيخ الحر العاملي (قدِّس سرُّه) في باب كراهة نية الشر من كتاب الطهارة في كتابه وسائل الشيعة: ١/ عن أبي عبد الله (عليه السلام) -في حديث- أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) كان يقول: مَن أسرَّ سريرةً ردَّاه الله رداءها، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر. ٢/ قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من عبدٍ يُسرُّ خيرًا إلا ل
قراءة المزيد

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون

صورة
  تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيِّد محمَّد السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم محمود سهلان العكراوي:   المقال العشرون:   ] ٢٨ [ الرواية الثانية: وعن هشام، أنَّه سأل الزِّنديقُ الصادقَ (عليه السلام) عن قول من زعم: أنَّ الله لم تزلْ معه طينةٌ مؤذية، فلم يستطع التَّفصِّي منها إلا بامتزاجه بها ودخوله فيها ومن تلك الطينة خلق الأشياء؟ قال: سبحان الله وتعالى ما أعجز إلهًا يُوصَف بالقدرة، لا يستطيع التَّفصِّي من الطينة، إنْ كانت الطينة حيَّةً أزليَّةً فكانا إلهين قديمين فامتزجا ودبَّرا العالم من أنفسهما، فإنْ كان ذلك كذلك، فمن أين جاء الموت والفنا؟ وإنْ كانت الطينة ميتة، فلا بقاء للميت مع الأزليِّ القديم والميِّت لا يجيء منه حي، هذه مقالة الدَّيصانية أشدِّ الزنادقة قولًا وأهملهم مثلا، نظروا في كتبٍ صنَّفتها أوايلهم وحبَّروها بألفاظٍ مزخرفةٍ من غير أصلٍ ثابتٍ ولا حجَّةٍ تُوجب إثبات ما ادعوا، كلُّ ذلك خلافًا على الله ورسله، وتكذيبًا بما جاؤوا به عن الله. فأمَّا مَن زعم: أنَّ الأبدان ظلمةٌ وأنَّ الأرواح نورٌ وأنَّ النور لا يعمل الشرَّ والظ
قراءة المزيد