الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الثالث والثمانون
تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيِّد محمَّد
السيِّد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة، بقلم
محمود سهلان العكراوي:
المقال الثالث والثمانون:
تتمة الكلام في الرواية السابقة:
قال (عليه السلام): "أمَّا قول
الواصفين: إنَّه ينزِلُ تبارك وتعالى، فإنَّما يقول ذلك من يَنسِبه إلى نقصٍ أو
زيادةٍ"، والمراد بالواصفين مَن يصفون الله تعالى بصفات المخلوق، وهم غير
الشيعة الإمامية على أيِّ حال، أمَّا جمهور العامَّة اليوم في حَيرة، فلا يستطيعون
التجسيد، ولا يستطيعون ترك ونفي رواياتهم التي تحتوي على القول بالتجسيد، ونكتفي
بهذا الحد.
لماذا من وَصَفَهُ تعالى بذلك من الحركة وما شابه ينسبه إلى نقصٍ أو زيادةٍ؟
نرجع
في الجواب إلى كبرى معلومة، هي: عندما أتحرَّك إنما أُريد أنْ أسدَّ نقصًا أو أنْ
أتخلَّص من زائدٍ، فكلُّ حركةٍ فهي ناتجةٌ عن انفعالٍ، تُدرِك أو تشعُر بأمرٍ معينٍ
فتحتاج للحركة، فالإشكال الأصل هو الداعي للحركة، وهذا النزول مُظهِرٌ لوجود هذا
الداعي، وهو ممتنعٌ عليه تعالى، فهو لا ينفعل بأمرٍ خارجيٍّ، والانفعال والداعي لا
يقال إلا في المحتاج إلى الحركة.
قال (عليه السلام): "وكلُّ متحرِّكٍ يحتاج ... فاحذروا في صفاته من
أنْ تقفوا له على حدٍّ تحُدُّونه"، والحدُّ مقولٌ للعقل، فهو تعريفٌ،
وبالتالي يحتاج إلى تحليل.
تنبيهٌ:
بعض
الروايات ليست لعامَّة الناس، بل كانت لخواصِّهم، وهي في هذا الزمن لطلبة العلم،
ومحاولة فهم الرواية يُعينك على صياغة شخصيتك العلمية، وليس المطلوب أنْ تنقلها
وتبينها للناس.
قد
يقول قائلٌ أنَّ الإمام (عليه السلام) قال ما قاله في جمعٍ من الناس فهي للجميع،
فنقول أنَّ بعض الحاضرين له القدرة على فهم كلام الإمام (عليه السلام) وكان الخطاب
موجَّهًا لهؤلاء، وغير المتحصِّل على المقدمات التي يفهم من خلالها الكلام يفهم
ذلك من نفسه ولم يكن الكلام موجَّهًا إليه.
والحذر
في صفاته، لأنَّ صفةَ الصفةِ أنَّها تَعرُض على جهةٍ من جهات الجوهر فتُبرِز هذه
الجهة، وهذا أمرٌ نتعلَّمه في مسائلٍ علميةٍ، تُسمى اليوم بعلم الكلام، فلفهم
الصفة لا بدَّ أنْ أحدَّها، وأحدُّها بالرجوع إلى معروضها، والنظر في الحدود التي
عرضت عليها هذه الصفة، وفي حال الكلام في صفات الله بهذه الكيفية ندخل في محذور
التحديد لجهات الله سبحانه وتعالى، ولكنْ هل نفهم هذا الكلام من نفس النص أم لا؟
في الواقع هذا الفهم متوقفٌ على مقدماتٍ من خارج النص، فعندما يأتي الإمام (عليه
السلام) ليبين لي نتائج ما ينبغي أنْ يكون في النفس، فهذا ما يحتاج إلى تحصيلٍ من
خلال الرجوع بكلامه (عليه السلام) إلى أصوله الفكرية، حتى أنتهي إلى ما يريده، فهو
يصرِّح ببعض الأمور وبعضها لا يصرِّح بها.
في
مسألة مِلاكات الأحكام -على سبيل المثال-: هناك أحكامٌ يصرِّح المعصوم بها، وأخرى
يصرِّح ببعضها، وغيرها لا يذكرها مطلقًا، وفي بعضها نستطيع الوصول لمِلاك الحكم
الذي لم يصرِّح به الإمام، ومنها ما لا نتمكن من ذلك، أمَّا المنصوص عليه لا نواجه
مشكلةً فيه، وأمَّا غير المنصوص فننظر إنْ كانت هناك رواياتٍ مانعةٍ من البحث في
المِلاكات أو لا، أو أنَّ هناك رواياتٌ تُجيز لك البحث، أو أنَّ الأمر مسكوتٌ عنه.
في مثل هذه الأمور لا بدَّ أنْ نعرفَ ما هي حدودنا في الحوزة، وما هي حدود غير أهل الحوزة.
تعليقات
إرسال تعليق