الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال الأول.


تقريراتٌ مختصرةٌ لدرس سماحة السيد محمد السيد علي العلوي (حفظه الله)، في كتاب الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة.


المقال الأول:


الباب الثاني: أبواب الكليات المتعلقة بأصول الدين وما يناسبها.


الرواية الأولى:

يمكننا الخروج من هذه الرواية بستِّ قواعد، وهي:

الأولى: أحبُّ خلق الله إليه العقل. وقد دلَّ عليها الحصر بالاستثناء بعد النفي.

الثانية: كلُّ كامل عقلٍ محبوبٌ إلى الله تعالى. وقد دلَّ عليها الحصر بالاستثناء بعد النفي.

الثالثة والرابعة: المخاطب بالأوامر والنواهي هو العقل. وقد دلَّ عليهما الحصر بتقديم المعمول (إياك).

الخامسة والسادسة: المُعاقَب والمُثاب هو العقل. وقد دلَّ عليهما الحصر بتقديم المعمول (إياك).


قال في هذه الرواية: (إياكَ أُثيب وإياكَ أُعاقِب) وفي روايةٍ أخرى: (بِك أُثيب وبِك أُعاقِب) والأولى بمعنى الثانية لسببين، هما:

١- أنَّ الإنسان -كما قامت عليه الأدلَّة- يُثاب ويُعاقَب جسدًا وعقلًا وروحًا.

٢- أنَّ مناط التكليف هو العقل، فقوله (إياك) يُفيد أنَّ الأمر متوجِّهٌ إلى العقل والمنفِّذ هي الجوارح.

تنبيهان:

الأول: في التعامل مع الرواية ينبغي أنْ ننظر للمعنى أولًا، ثمَّ نبحث عن النُكات اللغوية والنُكات الأخرى التي قد نُفيدُ منها.

الثاني: كلَّما تعلَّمنا شيئًا فإننا ننفتح أكثر على الشيطان من جِهة الغرور، لذلك ينبغي أنْ ننتبه لهذه المسألة جيدًا كي لا نقع في هذا ونتعرَّض للسقوط.


الرواية الثانية:

لا تختلف عن الرواية الأولى، إلا أنه في هذه الرواية قال: (أحسن) وقال في الأولى: (أفضل).


الرواية الثالثة:

بدأ بقوله (عن) فيعني ذلك أنه لا زال ينقل عن الشيخ الكُليني (رحمه الله)، وإذا غيَّر المصدر الذي ينقل منه يبدأ باسم صاحب الكتاب المنقول عنه مباشرةً بدون (عن). أمَّا أحمد بن محمد المذكور فهو أحمد بن محمد بن خالد البرقي.

فائدةٌ من قوله (عن بعض أصحابه): يختلف الحال بين ما إذا قال (عن بعض أصحابه) وما إذا قال (عن رجلٍ) ففي الأولى إشارةٌ إلى أنَّ أحمد بن محمد بن خالد كان لديه عنايةٌ في نقل هذه الرواية، فهذه النسبة؛ أيْ نسبة الأصحاب إليه، تُخرِجها من حدِّ الإرسال المُضعِّف للرواية، فإنْ لم تُعتبر في عداد الحِسان فهي ليست من المُرسَلات الضعيفة، بخلاف ما لو قال (عن رجلٍ) أو (عمَّن روى عنه) وهكذا. ففي الأولى ظهورٌ أنها عن بعض من يروي عنهم وقد يكون هناك طريقٌ للتعرُّف على من نقل عنه الرواية.

رَفَعَه: الرافع هو من نقل عنه أحمدُ بن محمد، ويُريد أنْ يدَّعي أنه حقَّقَ صدور الرواية فتجرَّأ بالرفع، فرَفعُ الحديث يجعل له شأنَ الصادر عن المعصوم (عليه السلام). حتى قوله (قال) فيها دعوى ويختلف عن قوله (عن) مثلًا.


القاعدة المستفادة من هذه الرواية: أفضلُ ما يُقسَم إلى العبد العقل. وهذه القاعدة سلوكٌ كاملٌ في حياة طالب العلم بالدرجة الأولى، والمؤمن بالدرجة الثانية، فلا المال ولا الجسد ولا غيرهما أفضل من العقل، فإذا كان عقلك في طريق الكمال فقد نِلت الأفضل مطلقًا، فلا تنظر لما في أيدي الآخرين. ثم أنَّ الله يُحبُّ العقل لأنه هو الذي قسمه للعبد، وسيأتي في الأبواب التالية أنَّ صاحب العقل هو من يمتثل أوامر الله تعالى وينتهي عن نواهيه، لا غير، فكلُّ ما سِوى ذلك شبيهٌ بالعقل -مهما بلغ صاحبه- وليس هو العقل.


وتُشير الرواية أيضًا إلى أنَّ مظاهر العقل في النوم والسهر وفي الإقامة والشخوص، وفي القياس على الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم، لا أيِّ أحدٍ بالغًا ما بلغ، لذلك كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أسوةً حسنةً.


تقرير: محمود سهلان العكراوي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مِدادُ أوال من ينابيعِ الخِصال (٢) التوحيدُ أصلُ الأصول

كراهة نيَّة الشر

الفصول المهمَّة في أصول الأئمَّة: المقال العشرون