المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠٢٠

كلمة في مولد الإمام السجاد عليه السلام

صورة
كلمة مولد الإمام السجاد عليه السلام للعام ١٤٤١هـ نمر في هذه الفترة من العام بظروفٍ خاصةٍ منعتنا من الاجتماع بالمأتم لإحياء هذه الليلة كما هو المعتاد في كل عام، وفرضت علينا تحويل احتفالاتنا من الواقع إلى الفضاء الإلكتروني، في محاولةٍ لتقديم أفضل ما نتمكن من تقديمه في ظل هذه الظروف الصعبة، وهذا الابتلاء الصعب، ونسأل الله تعالى أن يكشف هذه الغمة عنا، وأن يعود بنا لحياتنا الطبيعية، وأن يعجِّل فرج مولانا صاحب العصر والزمان، ويعجل فرجنا به، إنه سميعٌ مجيب. انطلاقًا من الواقع الذي نعيشه اليوم اخترت الحديث في محورين، سيشكِّلان معًا هذه الوقفة السريعة في ظلِّ بركات سيدنا وإمامنا علي بن الحسين السجاد –عليهما السلام-: الأول: الابتلاء ونيل المقامات العالية: قال عزَّ وجل في مُحكم كتابه الكريم: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) [العنكبوت، ٢]. وقال عزَّ من قائل: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِي

من هنا وهناك (٧٢) التفرُّغ للعبادة!

صورة
في معترك الحياة اليوم، وبنسقها السريع جدا، يتشوش الإنسان ويصعب عليه تنظيم أولوياته وأوقاته أحيانًا، فيقدَّم ما من شأنه التأخير، ويؤخِّر ما من شأنه التقديم، ويعطي الأولوية للأقل أهمية وغير المهم، ويتجاهل المهم والأهم، فتضيع أوقاته ويضيع هو وسط زحام هذه الدنيا.. يرسل الله رسلَه -بأنواعها- فيستيقظ بعض الغافلين، ولا يحرك بعضَهم شيءٌ مهما جرى، ولا يخفى أن المصائب والبلايا منها، والمرض منها، وموت الأحباب منها، وانتشار الأمراض والأوبئة منها، والسجن منها، وما إلى ذلك. في ظل الوضع الراهن ينبغي للمؤمن عِوضًا عن أن يظل يبكي الحال، والحبس بالدار، أو الحجر الصحي، أو غير ذلك، أن يكون نبيهًا فطنا، ويستثمر ما يمكنه استثماره، وينظر لشعاع النور المنبثق من بين العتمة، فيرجع إلى ربه، نعم.. يفيق من غفلته ويعود إلى ربه.. عن أبي بصيرٍ قال: قلت لأبي عبد الله -عليه السلام-: لأي علةٍ صرف الله العذاب عن قوم يونس وقد أظلَّهم ولم يفعل ذلك بغيرهم من الأمم؟ فقال: لأنه قد كان في علم الله أنه سيصرفه عنهم لتوبتهم وإنما ترك إخبار يونس بذلك لأنه أراد أن يفرِّغه لعبادته في بطن الحوت فيستوجب بذلك ثوابه

من هنا وهناك (٧١) المؤمن إلى خير..

صورة
يتعرَّض المؤمنون إلى الابتلاءات والتحديات والفتن دائما، وتكون بعضها خاصةً بدائرتهم، كما تعرضوا له من ظلمٍ واضطهادٍ في بعض الأمكنة والأزمنة، بل يكفيهم بلاءً ما يجدونه من انتشارٍ للظلم والجور والفساد في ظل غياب إمامهم -عجل الله فرجه- فتذوب قلوبهم في صدورهم مما يرون ولا يستطيعون تغييره.. وفي مراتٍ أخرى تكون البلاءات والتحديات عالمية، فيفزع هذا، ويخاف ذاك، خصوصًا من لا يرى له غير الدنيا بديلا، فيشمل البلاء المؤمن وغيره، لكن المؤمن يبقى مطمئنًا لا يفزعه ذلك ولا يرتبك، فهو يعلم أن أمره إلى خيرٍ دائما.. وقد ورد عن رسول الله وأهل البيت -صلوات الله عليهم- ما يفيد أن المؤمن إلى خيرٍ في كل الأحوال، وكفى بذلك بثًّا للطمأنينة والارتياح في قلوب المؤمنين: عن أبي عبد الله -عليه السلام- في حديث قال: "أن رسول الله -صلى الله عليه وآله- قال يوما: ما عجبت من شيءٍ كعجبي من المؤمن أنه إن قُرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرًا له وإن ملك ما بين مشارق الأرض ومغاربها كان خيرًا له وكل ما يصنع الله عز وجل به فهو خيرٌ له". [الكافي، ج٥، كتاب المعيشة، ص٦٩]. عن محمد بن المنكدر،

في بعض أيام الحنان

صورة
في بعض أيام أكتوبر من العام الحادي عشر بعد الألفين، بينما كنتُ في طريقي للخروج من غرفته، وهو مُلقًى على ذاك السرير الأبيض، وقد غارت عيناه، وصارتا أقرب للبياض، رفع يده باتجاهي وأشار بها، لا أعلم إن فهمها غيري أم لا، لكنها كانت واضحةً جدًّا بالنسبة لي، لعلها فاقت تعابير الحروف، كيف لا وقد تجاوب معها قلبي قبل عقلي.. نعم إشارته التي لم ولن أنساها أبدا، فكيف لإنسانٍ على مشارف الرحيل أن يمتلك هذا القدر من الاهتمام، وهذا الحب والحنان، كان ينبغي له أن يهتمَّ لنفسه فقط، فلم يكن حاله يساعده على فعل أي شيء، فقد كان في رحمة الله، وجسده بين أعين الناس لكن روحه في عروج لعالم آخر.. نعم.. أوصاني برعاية أخي الأصغر في مثل تلك الحال، هكذا عندما يتفوق حب الأبناء على النفس أو يضاهيها، وعندما يتحمل الأب مسؤولياته، وعندما يُغرِق عياله بالمحبة والمودة والحنان.. رحمك الله يا خير أب، يا صاحب القلب الأبيض، والابتسامة المشرقة.. محمود سهلان ٩ رجب الأصب ١٤٤١هـ الموافق ٤ مارس ٢٠٢٠م