من هنا وهناك (٦٩) تربيةُ الطفل عمليًا
من المعلوم بالوجدان وبحسب البحوث العلمية كذلك أن الطفل يقلِّد والديه، فيقتفي أثرهما في أغلب ما يقومان به من أفعال، وما ينطقان به من كلمات، حتى أنه يحاكيهما في مشيتهما وجلستهما وما إلى ذلك، وعليه فإننا نستطيع استثمار هذه الحالة في تربية الأطفال عمليا، بشكلٍ يكون مؤثرًا ومنتجًا أكثر بكثير من مجرد الاقتصار على التوجيه، بل أن التوجيه قد لا ينفع عندما تكون الأفعال بخلافه.
قبل أيامٍ كنت بضيافة أحد الأصدقاء من المجدِّين في طلب العلم، وقد هيَّأ له ركنًا في صالة المنزل للقراءة والدراسة، حيث جعل فيه مكتبةً غنيةً بالكتب والمصادر، وما زال يضيف إليها الكتب، وجعل بقربها مكتبًا صغيرًا وكرسيًا ليباشر ما يحب من قراءةٍ ومطالعةٍ ودراسة.
في هذه الزيارة وجدت بالقرب من مكتبه طاولة طعامٍ وكرسيٍّ للأطفال، وبنفس اتجاه مكتبه ملاصقان له، لم أسأله لكنه بدأ بالحديث لوحده، فقال أن هذه لابني أحمد أتى بها لوحده، وأخذ الأوراق البيضاء والأقلام في حالة تقليدٍ لي.
مثل هذه القصص والحالات تمر علينا ونسمع بأمثالها كثيرا، بحدٍّ لا يجعل للشك مكانًا في صدقها وآثارها، وبالتالي أجد أن هذه الطريقة من شأنها أن تساهم في تربية الأبناء تربيةً صالحةً ومثمرة، وإن كنت لست في صدد النقد لكنني أقول أنه ينبغي للعاملين في مجال التربية السعي لاستثمار هذه الحالة عند الأطفال وعدم الاكتفاء بالتوجيه والنصح.
همسة: اجعل مكتبةً في بيتك ليكون ابنك قارئًا في المستقبل بجهودٍ بسيطةٍ منك.. بالتأكيد لا يضرك ذلك في شيء..
محمود سهلان
٨ جمادى الأولى ١٤٤١هـ
٤ يناير ٢٠٢٠م
تعليقات
إرسال تعليق