المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠٢٣

من مقدماتِ استجابةِ الدعاء

صورة
   قال تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء، ٨٩-٩٠].    استجاب اللَّه تعالى دعاء نبيه زكريا (عليه السلام) ورزقه ولدًا نبيًّا وهو يحيى (عليه السلام) وأصلح له زوجه، وبعد إخباره تعالى عن هذه القصة في كلمات قصيرة عقَّب مباشرةً بأنهم كانوا يسارعون في الخيرات، ويدعونه عزَّ وجلَّ رغبةً في ما عنده ورهبةً منه، وكأنه أراد أنْ يعلِّمنا كيف يستجاب الدعاء.    من مثل هذه الآية نتعلم أنَّ المسارعة في الخيرات، لا مجرَّد فعل الخيرات، ثم الدعاء بقسميه المذكورين، رغبةً بما عنده وخوفًا منه تعالى، تعدُّ من عوامل استجابة الدعاء، وبالنظر إلى بعض الروايات نضيف إلى ذلك أنَّ الدعاء ينبغي أنْ يكون في الرخاء والشدة، فإنَّ كثرة الدعاء في الرخاء من أسباب استجابة الدعاء في الشدة.    الدعاء عبادةٌ عظيمةٌ جدًّا، والعزوف عنها استكبارٌ عن عبادة الله تعالى، قال عزَّ من قا

أصلُ المعارفِ السليمة

صورة
     في هذا المقال المُلحق بمقالي السابق -في ضمن سلسلة مقالات- حول تأسيس المكتبة المنزلية أتحدَّث بشكلٍ إجمالي عن أمرين يجب أخذهما في الحسبان، وهما القرآن الكريم والعترة الطاهرة، فهما الأصل عندنا نحن الإمامية لكل المعارف والعلوم السليمة، وأما من جهة كونهما جزءًا من المكتبة فالقرآن الكريم لا حاجة للإرشاد لاقتنائه، فكيف يكون البيتُ لمسلمينَ ولا قرآن فيه؟ لذلك جاء هذ المقال للتنبيه على أهمية الثقل الثاني في هذا التأسيس؛ أعني العترة الشريفة.      قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال رسول اللَّه (صلَّى اللَّه عليه وآله) في آخِر خطبته يوم قَبضَه اللَّه عزَّ وجلَّ إليه: «إنِّي قد تركتُ فيكم أمرينِ لن تضلُّوا بعدي ما إنْ تمسكتم بهما، كتابَ اللَّه وعترتي أهل بيتي، فإنَّ اللطيف الخبير قد عَهِدَ إليَّ أنَّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض كهاتين -وجمع بين مُسبِّحَتيه- ولا أقول كهاتين -وجمع بين المُسبِّحَة والوسطى- فتسبقَ إحداهما الأخرى، فتمسَّكوا بهما لا تزِلُّوا ولا تضِلُّوا، ولا تَقَدَّمُوهم فَتَضِلُّوا». [الكليني، الكافي، ج٢].      إنَّ القرآن الكريم والعترة الطاهرة لن يفترقا حتى يردا الحوض ع

ضرورةُ تأسيسِ المكتبة المنزلية

صورة
     ينبغي لكلِّ مؤمنٍ أنْ يجعلَ ويؤسسَ في بيته مكتبةً مناسبةً لحاله، فالمكتبة ليست شيئًا زائدًا يصحُّ الاستغناء عنه، بل هي أساسٌ مهمٌّ نبني عليه حياتنا وحياة أبنائنا، لأن المعرفة ليست أمرًا زائدًا بل هي لبُّ الحياة، وهي العُدَّة والزاد والعتاد لقطع طريق الدنيا الصعب.      لا يخفى على المؤمن الكريم أنَّ بعض العلوم والمعارف واجبة، كما أنَّ طلب العلم فطرة مزروعة في نفس الإنسان، ولا يوجد ما هو أفضل من الكتاب لتحصيل المعارف الحقَّة والعلوم الصحيحة المنضبطة، ولا يكفي في ذلك الاعتماد على المحاضرات والمقاطع المرئية، ولا الكتب والتطبيقات الإلكترونية، لأسبابٍ كثيرةٍ يكفي فيها التشوش الحاصل للذهن من استعمال الأجهزة من جهة، وخسارة الحالة التفاعلية المادية الطبيعية مع الكتاب.      من أهم الأمور التي أُلفت إليها هنا أنَّ وجود المكتبة في المنزل يخلق جوًّا علميًّا بين أفراد الأسرة جميعا، ثم يكون مدعاةً لتقليد الصغار للكبار، فلو جلس الأب -مثلًا- لوقتٍ قصيرٍ كلَّ يومٍ يقرأ أمام ابنه لما فارقت هذه الصور مخيلة الابن مدى الحياة، بل سيبدأ بتقليد هذه الحالة تلقائيا، ولك أنْ تتصور مقدار الفائدة العظيمة لمثل